25 September, 2008

من أحاديثِ النفسْ


..." بعدَ أن غادَرَتْنِي الأنفُسَ تجَنِّيـًا ما لِي إلا نفسِي لحَدِيثِها " . ...

و ما الأحاديثُ القديمَة إلا اكتِراثٌ .. و بضعَةُ أوهامٍ عَيَّشَتْنا .. في زَمَنٍ يكادُ يكونُ الاكتِراثُ فِيهِ غيرُ موجُودٍ أصلاً .. لذا لـِ نَقُل : أَنـَّا _ كِلانا _ بِخَيْرٍ مَثلاً ،
أو أننا مُنتَشِيينَ من فَرْطِ السَّعادَةِ لِمِثالِيَّتِنا ،أو أننا مثالِيَّيْنِ أصلاً لِسعادَتِنا / فلا يهُمُّ السَّبَبُ طالما السعادةُ فينا !
آه ٌ من " فِعلِ " السعادَةِ كم هُوَ مُكَلِّفُ و مُتَكَلّفٌ لِـ نُدْرَتِهِ ! لأنَّكَ إن أرَدتَهُ عليكَ أن تَلزَم إحدى طريقَينِ مُربِكَين :
الأوّل بسيطٌ واضِحٌ لكنَّهُ مُكَلِّف ؛ يجعَلُكَ سَعِيدًا مرَّةً واحِدةً لا تُضاهِيها مَرّة ،يُعطِيكَ اللحظةَ الحقيقيةَ التي تُريد
و يتركك لآخِرَ حياتِكَ مُتعايِشًا ، لِيُنقِذَ غَيْرَكْ . و الآخِر صعبٌ مُتكَلِفٌ تَسعَدْ مَعَهُ ، تُدمِنهُ كالهيروين تلجأُ كَثِيرًا إلَيْهِ
لأّنَّكَ تُحِبُّ السعادَة ؛ فأحيانًا تضطَرّ تجَرُّعها و غصّةٌ في قَلبِكْ / لكنكَ تغتَنِمَ الفُرصَةِ لعَدَمِ ضمانِ تِكرارها ،
و قد تختلقَهَا لأنَّك تتخيل الحياةَ دونهَا جحيمًا / و قد تتماهى في ما هيَّتَكَ لأنَّها الفِعلُ الوَحِيدُ الذِي تُريد ؛
فتتغاضى مرَّةً عن سَوءَة و مرّتينِ عن كلمةٍ غير مقصودةٍ تُسيءُ لَكْ و سبعُ مرّاتٍ عن جُحُودٍ يطالُكِ من شخصٍ لم تخالَهُ ما خلته
و عشرونَ مرّةٍ عن كذبٍ لا ينتهِي ... الخ ْ ، ثمّ تنسى من كِثرَةِ الأشياءَ التِي تُحصِيها " بـِ سَعَادَةٍ " أنّكَّ تَقَعُ بينَ فخَّينِ لَعِينينْ :
أولُهُما أنَّكَ تدورُ في نَفسِ الدائِرة و من حيثُ ابتدأتَ انتهيتْ ، و ثانيهُما أنّ الزّمَنَ يمضِي بِكَ سرِيعًا دونَ أن تشعُر
و أنتَ تَقِف في نفسِ المكانْ . فتتمنى حينها لو أنَّكَ تعُد للوراءِ قليلاً / حيثُ سعادَةً واحِدَةً تكفِي و تُفاجَىء بأنَّ الوَراءَ لا يعُودْ !
... رُبَّما لحَدِيثِي بَقيّة .!