11 December, 2007

رَذاذْ






حِينَ تتسَابقُ حبّاتُ المَطرِ بالهطُولِ على النوافِذِ و أوراقُ النباتاتِ و أسقُفِ المنازِلِ و رُؤوسِ الجُدرانِ نَقِفُ مُنتَشِينَ
بالهُطُولْ، ثمّ تَنتَهِي من الرّكضِ سريعًا و لا يتبقى منها سوى آثارُ ركضِهَا، حيثُ الرائحَةُ العذبةُ للمَطَرِ الممزُوجَةِ
بالتُرابِ ، حيثُ تنفِخُ من رَوحِنـَا.!
1/

بِخَجَلٍ يُلوّنُ وجنتيها كحبّةٍ خوخٍ تفتّحَتْ من فَرْطِ نُضجِها، تنظُرُ حيثُ أقرَبُ شيءٍ لناظِريْهَا " طَاقةُ الوَردِ البيضَاءَ
على حجرِهَا " و تضُمُ ساقَيها الطّويلَتَينِ بِشِدّةٍ حتى تكادُ تجعلَهُما واحِدَة. تحَاوِلُ رَصْدَ صوت لأيّ حرَكَةٍ قادِمَة ..

يُقارِبُها الصّوتْ :
- أخيرًا يا قِِبلَتِي، يا وُجهَتِي الأولى و الأخيرَة..
يُمسِكَ يديها الحريريتينِ و يُقبّلهُمَا:
- أنتِ ملَكَةُ الكَونْ ، ملَكَتِي و مملَكَتِي الآنْ. كُونِي لِي عونًا أكُن لكِِ دربًا لا تنتَهِينَ منهُ إلا للجنّة.
تُطأطئُ رأسَها مُبتَسِمَةً و الحُرُوفُ لا تخرُجُ من ثَغْرِهَا، يُلاحِقُ عينيهَا الناعِستينِ و السّعادَةُ تكَادُ تَحْرِقُهُ و هُوَ يُرَدّدْ:
- أُحِِبـُّكِ ، أُحـِبـُّكِ ، وَ اللهِ أُحــِبُّـكِ .

2/

تجلِسُ أمامَ المرآةِ .. تُزيّنُ شفتيها بلونٍ وردِيٍ يُنعِشُ الرُّوحْ ..
و بغَنَجٍ تنظُرُ لوَجهِهِ من خِلالِ المرآة لتَتمايَلَ بعِتابٍ يقطُرُ وُدًا:

- اشتَقتُكَ.
- أنا أيضًا صغيرتِي..
- قابلتُ العرّافَةُ جارتنا اليومْ. حدّقَتْ في فنجانِي طويلاً.. لمْ تكُنْ تَراكَ سوى تعطيني ظهرَكَ مرّةً،
و تبتَعِدُ مرّة و ..
بحرَكَةٍ خاطِفةٍ يحتَضِنُها بِذِراعِهِِ اليُمنَى و يمِيلُ بِرأسِهِ على كتِفِها:
- هوّنِي عليكِِ عزيزتِي ، مازلتُ هنا. تعلَمِينَ لماذا ؟ لأنّي لم أُغادِركِ لحظة .. تمامًا كما تقُولِينَ دومًا ..!
ثمّ لم يكُن سوى أسبوعٌ واحد في أوروبا دونَكِ، لم يكُن شيئًا يُذكَرْ ،انقضى في العمَلْ ، ثمّ لا تُصدّقِي كُلّ ما
تقُولُهُ جارتنا المُشعوِذّة لأنّ تملّق شقُوق القهوَةِ الرطبة هُراءْ !

بانفِعالٍ يطبعُ قُبلةً على خدِّها الأيسَرْ ، و يخرُجُ من الغرفة ..

3/

بانقضَاءِ عامهمَا الرابِع و العشرين معًا ، و بلا اكتِراثٍ عِندَ مَدخَلِ الغُرفَة :
- صباحُ الخَيْر.
- صباحُ النورْ .
و يغادِرَ كلاً منهما لرِزقِهْ ..


لا صوتَ يُسمَعُ في المَنزِلِ سوى صوتُ مُذيعُ النشرَةِ الإخبارِيّة، ثمّ يمُرّ اليومُ بطيئًا و كأنّهُ لن ينتَهِي حتى وقتُ النّومِ و كُلٌ على وِسادَة يُمسِكُ غِطائَهْ:
- ستنامْ ؟
- بالتأكِيدْ .
- تُصبِحَ على خيرٍ إذَنْ .
يغُطُّ بِرأسِهِ في الوِسادَةِ جيّدًا :
- إمممممممم .

يُغمِضُ عينيْهْ .

No comments: