28 January, 2007

صحوَة


كأنّي فقدتُ عقلِي اليوم ْ.. عندما عُدتُ لصُندوقِ الذكرياتِ القدِيم المركُون في الزاوية المُظلمة من دُولابِي ، و كأنّي أراهُ للمرّةِ الأولى بعْد الهَلاك .. مُخيفٌ حتى قبلَ اقترابِي منه ، لذلكَ وَضعتُهُ في أظلمِ مكَانٍ في الغُرفَة .. زاوية دولابِي ، تُغطيهِ ألوانُ ثيابِي الشاحِبَة بذيلِ ثوبٍ أو بوِشاحِ أحَدِها ، و بثَوبٍ حريريٍ كانَ قد سقَطَ في إحدى المرّات التي حادثتُكَ بها .. نعَم ، حادَثتُكَ مرّة من هُناك ، كُنتُ قد طلبتُكَ على الهاتِف و أنا أستَعرِضُ ثيَابِي فأجَبتَ و أنت نائِمْ : آلو .. وصوتُ الصمتِ حولَكَ يُربكُنِي و نعُومةِ الثوبِ استوقفَتْ يدِي عِندَهُ .. ماذا ، نائم إلى الآن ؟ قلتُ ، فكأنّكَ استيقظتَ من جَديد قائلاً : لا ..لا لا لستُ نائمًا ، مُستيقِظٌ أنا لأجلِك ..
كُنتُ قد تعَلّقتُ بالثَوبِ مُذ سمِعتُ صوتَكَ ذهابًا و إيابًا حتى سقطْ ، أُراقِصُهُ من فرْطِ سَعادَتِي بِكَ و باللامِ هُناك .. لأجلِي ،
فكُلّ ما يَحدُث في حياتِي لأجلِي ، حُضُورك - غيابُك - هناؤك - عذابُك .. لأجلِي .
كُلّ هذا أذكُرُهُ و أنا فقَط أُزيحُ الثوبَ عن الصندوق و أُزيحُ هذه الذكرَى عنّي ، لمْ أكُن قد خرَجتُ مُنذُ زَمَن حتى أستَبِقَ هذه الذكرَى في ذروَةِ الألَم ، لكن لا مُشكلَة الآن ؛ فقَد هدَأت نفسِي عن السابِق .. قليلاً ، حتى أنّي فتحتُ الصندُوق بفتُورٍ تامٍ فاجئَني ،
فقَد اعتادَت ذكرَاك على الاحتفاءِ بِكَ أيّنما كان و كَيفَما !!ا
رسَائلُ قديمَة ، مُثقلةٌ بالفُصحى و تلكَ الألفاظُ المُتداولةِ بينَ المُحبيّن .. هيَ كُلّ ما كُنتُ أصنعهُ فيهَا باجتهادٍ و صدقٍ تامّين ، لمْ تكُن الأنثى قَد اكتملَت بعْد بِي ولا دَورَةُ الحَياةِ التِي أهديتَنِي تذكَرَتهَا قد دارَتْ . ببرَاءَةٍ و سذاجَةٍ أكثرُ تمامًا مِن اكتِمالِ القَمَرِ بَيْنَ
دَورَتين مُتتالِيَتَين كُنتُ أصنَعُ للذِكرَى مُجسّمًا أُلزِمُهُ حياةً أُخرَى مَع الذكرياتِ الأُخرَيَاتِ لِيَكُنّ عَونًا لِي في أيامِي الخالِيَة / مِنه. حتّى
خلَتْ .. لكني الآن لمْ أعُد أشعُر بذلكْ ، فقَد اكتَمَلت الأنثى بسَطوِهِ ، و تلكَ الحَياةُ اكتَمَلت مرّتينَ بتذكرَتَين ذهابًا و ذهابًا ، حياةً و حياة . لا بَأسَ بإخراجِها مِنَ الصندُوق ؛ لأنها ستلهُوا بعِيدًا عنّي حتى تتُوهُ في الطيّات ولا تستطِيعُ العَودَة إليهِ أو إليّ أو إلَيهِ ، ستشتاقُنِي المَحابِرُ لا بأسْ .. سأرشُقُ الصُوَرَ الخائِبَةِ بها ، ستُلوّن و تضطَرِبْ بالحِبرِ لأنّهُ لا لَونَ له .. لا بأسْ ستعتادُ الأمرَ لأن الجَمِيعَ سيحتَفِي بالتناقُض بَعدَ حِينْ و يَقبَلُه .

No comments: